فظائع الأسد في حماة وسوريا- قمع وإجرام لا ينتهي.

المؤلف: حسين شبكشي10.30.2025
فظائع الأسد في حماة وسوريا- قمع وإجرام لا ينتهي.

في غضون عام 1983، بينما كنت أدرس في إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، انكببت على إعداد بحث معمق يتناول بأدق التفاصيل المذبحة المروعة التي اقترفها نظام حافظ الأسد الغاشم في مدينة حماة السورية، تلك الفاجعة التي أودت بحياة ما يناهز خمسة وأربعين ألفاً من أبنائها الأبرياء. أتذكر جيداً، كان ذلك العصر يسبق ظهور شبكة الإنترنت العالمية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي المتنوعة. لقد قام بتوثيق هذه الجريمة النكراء شهود عيان ناجون بأعجوبة، تمكنوا من الفرار بأرواحهم من أتون تلك المأساة الرهيبة التي لا يمكن تصورها.

سعيت جاهداً في ذلك الوقت للوصول إلى أدق تفاصيل تلك الحادثة المأساوية، وبذلت جهداً مضنياً حتى تمكنت أخيراً من الحصول على مواد توثيقية لهذه الكارثة المفجعة التي خلفت في نفسي اكتئاباً حاداً استمر لأيام طويلة. لقد صعقت من مدى القدرة الوحشية التي يتمتع بها نظام حافظ الأسد المجرم على ممارسة أفظع أشكال القهر والاضطهاد بحق شعبه الأعزل. وها هي الأيام تمضي بنا سريعاً ليشهد العالم فصول هذه المأساة تتواصل وتتجسد على يد ابنه بشار الأسد، الذي سار على خطى والده الإجرامية الدموية تجاه شعبه، بل وتفوق عليه في البطش والتنكيل، الأمر الذي كان يراه الكثيرون ضرباً من المستحيل.

لم يشهد التاريخ المعاصر نظاماً مستبداً وطائفياً وقمعياً ومتآمراً مثل نظام الأسد في سورية، هذا النظام الذي تسبب في قتل أعداد هائلة من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين والعراقيين والأتراك، يفوق ما قتله كل أعدائهم مجتمعين.

نظام مجرم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، أذل شعبه وأفقده كرامته وعرقل تقدم بلاده وجعلها متخلفة عن ركب الأمم والشعوب الأخرى، وذلك بحجة واهية وذريعة كاذبة وهي تحرير فلسطين. والحقيقة أنه لا تربطه بفلسطين أي صلة سوى استخدام اسمها كستار لأسوأ فروع المخابرات القمعية في سورية.

نظام قام ببيع أرض الجولان في ظروف مشبوهة ومليئة بالغموض، وذلك بانسحاب حافظ الأسد من هضبة الجولان عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع دون أي سبب مقنع أو مبرر منطقي، مما مكن إسرائيل من احتلالها وضمها إليها بعد ذلك دون أن تطلق رصاصة واحدة لتحريرها، وذلك بعد مرور عقود طويلة من الزمن على احتلالها.

سورية، مهد الحضارة والتاريخ العريق، يستحق أهلها الكرام كل الخير والرفاهية، فهي بلد تجاري وصناعي وزراعي ومهني من الطراز الرفيع، وشعبها شعب ناجح ومتألق في جميع أصقاع الأرض، شعب ينتج ويعمل بجد واجتهاد وإخلاص، ولا يرضى إلا أن ينال رزقه بعرق جبينه وبكل شرف وعزة وكرامة. إنه شعب يستحق أن يعيش أحلامه وطموحاته في وطنه وأن يقدم أفكاره وإبداعاته دون خوف أو وجل أو تردد.

إن المأساة السورية تشهد عليها أسماء الشهداء والجرحى والمفقودين، وأعداد الزنازين المكتظة في السجون، ودموع الأمهات الثكالى والأطفال اليتامى، وقهر الرجال، والنفوس المحطمة. إذا لم تكن قد عرفت سورية عن كثب وعاشرت أهلها عن قرب، فلن تستطيع أن تفهم أو تقدر أو تستوعب مدى فرحة الشعب السوري العظيم بزوال كابوس الأسد الجاثم على صدره، وإشراقة شمس الأمل بعد عقود طويلة من الذل والهوان. نظام مجرم لم يترك له صديقاً، ولا يستحق إلا الفرح والشماتة بزواله واندحاره. مبروك لسورية الجميلة وأهلها الكرام إشراقة شمس فجر جديد يفيض بالأمل والبهجة المستحقة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة